وبعد دقائق، خيمت أجواء من الحزن والتأثر على القاعة، مع عرض مؤثر استحضر ذكرى الفنانة الراحلة رناد ثلجي، التي كانت من الوجوه المضيئة في المشهد المسرحي الأردني، حيث تمازجت الدموع بالتصفيق في لحظة وفاء لا تنسى من إبداع المخرج أحمد الفالح. ثم تابع الحضور عرضا تعريفيا بلجنة التحكيم الدولية التي ترأسها العام الحالي الأستاذ هزاع البراري من الأردن، وتضم في عضويتها كلا من: الدكتورة سهى سالم (العراق)، الفنان تيسير إدريس (سورية)، الفنان سلفاتوري (إيطاليا)، والفنانة عرين العمري (فلسطين)، فيما ضمت لجنة التحكيم الشبابية نخبة من الطاقات العربية الشابة برئاسة فراس المصري، وعضوية كل من: مرام أبو الهيجاء (الأردن)، أحمد الرواس (سلطنة عُمان)، وحنان صادق (تونس).
وفي سياق متصل، سلط فيديو الضوء على المكرّمين للعام الحالي، وهم: من نقل المسرح العربي إلى العالمية وجعل الغرب ينظر بعين كبيرة إلى المسرح العربي المهندس محمد سيف الأفخم (الإمارات)، ومخرج المسرحية الذي أتقن لعبته جيدا وقدم تجارب مسرحية ذات بعد شعبي كبير الفنان محمد الضمور (الأردن)، ومذيع ومقدم البرامج الذي انتصر للقلم وكرسه لخدمة المسرح ككاتب مسرحي الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الكاتب إسماعيل عبدالله (الإمارات)، وسينوغراف رسم الصورة المسرحية كلوحة تعطي كل معاني الجمال، ثم إداريا ناجحا أنه نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي، تكريما لمسيرتهم الغنية وعطائهم المستمر للمسرح العربي.
أعقبت ذلك كلمة لمدير المهرجان، الفنان علي عليان، أكد فيها أن "المسرح الحر" لم يكن يوما مجرد فعالية، بل حالة ثقافية تقاوم بالصوت والصورة والوجع.
لكن، وبذكاء إخراجي فني، لم تترك القلوب في حزنها طويلا، فقد اقتحمت الممثلة نهيل خشبة المسرح متمايلة على أنغام "أغاني الترندات" الحديثة، قبل أن يوقفها شاب بروح رجل مسن، ضرب عكازه على الأرض معترضا على ما وصفه بـ"السقوط الذوقي"، ليتحول المشهد فجأة إلى عرض غنائي مسرحي ساحر، يستحضر أغاني الزمن الجميل، وينقل الجمهور إلى عالم شعري تتطاير فيه الفراشات، وتغرد العصافير، وتزهر فيه الشجرة على وقع الحنين.
هذا العرض المسرحي الغنائي جاء بعنوان "نهيل"، من إخراج إياد شطناوي، وضم مواد فلمية من إعداد أحمد الفالح، وأداء تمثيلي مميز لكل من: نغم بطارسة وصالح بلقون، فيما أضفى الأداء الغنائي لنجوم الطرب غادة عباسي، رامي شفيق، ونانسي بيترو دفئا وسحرا خاصين على الأمسية.
وهكذا، افتتحت ليالي "المسرح الحر" بعرض يليق بعشرين عاما من الإبداع، بين الوفاء والاحتفاء، بين الحنين والغد، ليبقى المسرح حيا، نابضا، وحرا كما كان.