ضمن فعاليات معرض عمان الدولي السابع عشر للكتاب 2017، أقيمت مساء أمس الأول، في قاعة المحاضرات بأرض المعرض، أمسية قصصية لسامية العطعوط، ومحمد خليل، وعامر الشقيري، وماجدة العتوم، وأدارها القاص جمعة شنب. 
القراءة الأولى استهلها القاصة العطعوط فقرأت غير قصة قصيرة. قاصة تمتلك أدواتها الفنية وتمعن كثيرا في الموروث الديني، وتقترب قصصها من اللغة الشعرية العالية المتقنة. من أجواء قصتها «آنست نارا» نقرأ: «آنستُ ناراً لم تعد تطيق عشّاقها الكُثُر..! يتحلّقون حول جسدها في كلِّ مساء، فَراشٌ يحومُ حولَ الضوء. يوقدون ناراً تؤنسُ وحوشاً تسكنهم، يرقصون ويعربدون. لم تعد تطيق عشّاقها الكُثر، يلتهمون من جسدها في كل مساء، ويتجشأون ...! حملتْ خنجرها ذات ليلة (بدرية)، وقتلتهم جميعاً نوّماً، وجلستْ قربَ النار تؤنسُ وحشَتها، وحيدة...!».

إلى ذلك قرأ القاص محمد خليل قصة بعنوان: «الشاعر»، قصة تعاين حالات الشاعر في العالم الخرب، ضمن رؤى مضامين تستقرىء دواخلنا، قصة موحية ومعبرة عن الحرية والإصرار عليها من أجواء القصة نقرأ «رنّ جرس البيت رنّات متتالية، صمت الجميع، تعلّقت العيون بالباب، نهض صاحب البيت والقلق يطلّ من عينيه، شق الباب بحذر شديد، أطلّ وجه الشاعر، ارتاحت الوجوه المنقبضة، وصفّق الجميع. رحّبوا به، وأفسحوا له مكانًا بينهم.. جالت عيناه في وجوه الحاضرين.. ابتسم للجميع  ابتسامة فاترة .. أكمل الأصدقاء موضوعًا يبدو أنهم كانوا يناقشونه .. لم يشارك في النقاش ، بل اكتفى بالإستماع. ثم أطلق تنهيدة طويلة لفتت انتباه الحاضرين. 
قال أحدهم موجهًا حديثه للشاعر الذي تبدو على وجهه آثار كدمات وتعب.
- مرّ وقت طويل لم نركَ فيه 
نظر الشاعرإليه ولم يُجب 
قال آخر وهو ينظر إلى آثار الكدمات على وجه الشاعر 
- أصبح هذا العالم وسخًا بما فيه الكفاية».
أما القاص عامر الشقيري فقرأ قصص قصيرة أيضا من مثل: «الجثة»، القارىء للقاص الشقيري يلاحظ أسلوبه بالقص الذي يغوص عميقا في جدلية الحياة والموت، وكذلك معنى الحب والشهادة، واقترابه من الواقع المأزوم.
من أجواء قصته المعنونة «الجثة»، نقتطف منها هذ المقطع:» رجل في المطبخ يعدّ فنجان قهوته، لا يأبه بتسريحة شعر المذيعة وهي تسرد أسماء الشهداء مثلما لا يأبه بالقناصة الذين غزوا المدينة كالجراد. رجل في المطبخ يعدّ فنجان قهوته، يغنّي بصوت خفيض أغنية لا وجود لها، ألّفها ولحّنها للتوّ من تلقاء نفسه. القناص يتذمّر من حرارة الشمس ولعلّه تذكّر حبيبة خائنة أو أماً ميتة أو أخاً نذلا أو لعلّه تذكّر دَينْاً أو حلماً صغيرا لم يتحقق. المراسل يشير إلى القناص، والكاميرا تتنقّل في المشهد بينه وبين النافذة .. المذيعة تصمت على نحو مفاجئ أتوقّف أنا عن الغناء وأستدير نحو النافذة لسبب وجيه .. و....».
واختتمت القراءات بقراءة القاصة ماجدة العتوم، حيث قرأت قصة «البنت»، والتي سردت من خلال حكاية البنت وشؤونها وشؤون الحياة وتفاصيلها، تقول في قصتها:»السيدةُ الخمسينيةُ عادت اليومَ من رحلةِ التسوقِ على غيرِ عادتِها في الشكوى من التعبِ وفي التذمّرِ من كثرةِ المصاريفِ والطلبات..عادت وفي ملامحِها فرحٌ سري. وضعت الأكياسَ الكثيرةَ على طاولةِ المطبخِ ولم تفعل ما تفعلُه عادةً من وضعِ كلِّ شيءٍ في مكانِهِ فورَ وصولِها..بل هرعت إلى غرفتِها وأغلقت البابَ عليها، وقفت أمامَ المرآةِ وابتسمت لصورتِها. لم ترَ التجاعيدَ المحيطةَ بالعينين والشعرَ الأبيضَ المتدلي من أطرافِ شعرِها..بل رأت تلك البنتً التي كانتها ذاتَ يوم..وقد ضفرت لها أمُّها ضفيرتينِ طويلتينِ وانتهت كلُّ ضفيرةٍ بشبرةٍ بيضاء..ثم ذهبت برفقةِ الصديقاتِ إلى المدرسةِ وإلى حيشانِ اللعبِ وهي تتقافزُ وتضحك. السيدةُ غنّت لتلكّ الصورة ورقصت. فسمعت في صوتِها حدةً ورقة..ورأت في جسدِها مرونةً وانسياب. حدثَ ذلك كلُّه لأن السيدةَ حين كانت في محلٍ لشراءِ الخضرواتِ هذا الصباح، سمعت رجلا شديدَ الوقارِ يخاطبُها من خلفِها دون أن يرى وجهَها، فيقولُ لها بأدبٍ جمّ: «يا بنت، البندورةُ التي ملأتِ الكيسَ بها تسقطُ منه حبةً حبة..» منذُ ذلك الوقت والسيدةُ تعودُ إلى ذاتِ المحل تبحثُ عن كيسٍ مثقوب، وعن بندورةٍ تجيدُ الانفلاتَ والتدحرج، وعن بنتٍ لم يعد بوسعِها أن تكونَها».